قال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، إن الحدود اللبنانية السورية في منطقة مزارع شبعا التي يرفض الجيش الإسرائيلي الخروج منها بحجة أنها سورية، بينما يطالب لبنان بالحصول عليها "لا يمكن ترسيمها" بسبب الاحتلال، مؤكداً أن دمشق ستطلع بيروت على تفاصيل المفاوضات غير المباشرة بينها وبين تل أبيب.
وتوجه المعلم للقوى اللبنانية المناوئة لنظام دمشق بالقول إن "قلب سوريا كبير، ومن يرغب بدخوله فهو مفتوح" وذلك في مؤتمر صحفي جمعه مع نظيره اللبناني، فوزي صلوخ، بختام الزيارة التي يقوم بها الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى سوريا، والتي توّجت الأربعاء بإعلان التبادل الدبلوماسي بين البلدين لأول مرة في تاريخهما.
واعتبر صلوخ أن اجتماعات القمة اللبنانية السورية، بين سليمان ونظيره السوري بشار الأسد، "ناجحة بكل معاني الكلمة وهي خطوة كبيرة من اجل علاقات ايجابية بين البلدين."
وأكد صلوخ أن الأيام المقبلة ستشهد اتخاذ إجراءات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لجهة التبادل الدبلوماسي بين البلدين، ولدى سؤاله عمّ إذا كانت بيروت ستشارك في مفاوضات مع إسرائيل على غرار دمشق قال: "لا مصلحة للبنان حالياً في إجراء مفاوضات، فعلاقته مع إسرائيل تحكمها القرارات الدولية."
من جهته، وعد المعلم بأن تبقي سوريا الجانب اللبناني على إطلاع بالتطورات المتعلقة بالمفاوضات غير المباشرة بينها وبين إسرائيل، وكرر إدانة انفجار طرابلس الذي وقع الأربعاء، واصفاً إياه بأنه "جريمة إرهابية."
ورداً على سؤال حول استعداد سوريا لاستقبال لبنانيين مناوئين لها قال صلوخ "نأمل أن تُفتح طاولة الحوار (المقررة بين السياسيين اللبنانيين،) وقلب سوريا كبير، ومن يرغب بدخوله فهو مفتوح."
وحول إمكانية ترسيم الحدود اللبنانية السورية قال المعلم: "عندما نقول ترسيم الحدود يعني ذلك أن الجانبين سيتفقان على أولوية المناطق التي يجب ترسيمها، وحالياً لا يمكن ترسيم الحدود في مزارع شبعا بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
يذكر أن القمة التي جمعت الأسد وسليمان انتهت ببيان ختامي حمل نقاطاً عامة، أبرزها التنويه بالتطورات "الإيجابية" على الساحة اللبنانية بعد اتفاق الدوحة، والتأكيد على ضرورة إجراء الحوار الوطني في لبنان.
وذلك إلى جانب: "تفعيل العلاقات بين البلدين الشقيقين،" من خلال تبادل السفارات، واستئناف عمل اللجنة المختصة بترسيم الحدود وضبطها.
وحملت الوثيقة الختامية أيضاً إعلاناً بالرغبة في العمل على ملف المفقودين "للوصول إلى حل بأسرع وقت ممكن" إلى جانب مراجعة الاتفاقات الثنائية بين البلدين وتأييد وحدة العراق أرضاً وشعباً.
يذكر أن لبنان يعيش الخميس حداداً عاماً على ضحايا انفجار مدينة طرابلس الأربعاء، والذي استهدف حافلة كانت تقل مدنيين وعسكريين، والذي أصدر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بيان استنكار حوله، تمنى خلاله "ألا يزعزع الخطوات الايجابية التي اتخذت مؤخرا من اجل يستعيد لبنان وضعه الطبيعي".
بالمقابل، نجحت زيارة الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، إلى سوريا، في إنجاز ملف شائك على صعيد العلاقة بين بيروت ودمشق، إذ اتفق مع نظيره السوري، بشار الأسد، على تبادل السفراء والتمثيل الدبلوماسي للمرة الأولى منذ استقلال البلدين عن فرنسا خلال العقد الرابع من القرن الماضي.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية، أن اجتماع الأسد وسليمان انتهى بالتوصل إلى إعلان خاص بإقامة العلاقات الدبلوماسية جاء فيه: "في إطار تعزيز العلاقات الأخوية القائمة بين البلدين الشقيقين ونتيجة للمباحثات التي أجراها الرئيسان، فقد اتُفق على إقامة علاقات دبلوماسية بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية على مستوى السفراء بما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بما في ذلك اتفاقية فيينا."
ويضيف الإعلان تكليف "وزيري خارجية البلدين اعتباراً من تاريخه باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك وفقاً للأصول التشريعية والقانونية في كل من البلدين."
وقالت الوكالة السورية إنه جرت مناقشة المسائل المتعلقة بـ"الحدود بين البلدين والمفقودين من كلا البلدين" وكانت أجواء المحادثات "إيجابية وبناءة جداً وسوف تستكمل الجمعة."
وكان رئيس مجلس الوزراء اللبناني، فؤاد السنيورة، قد أعلن اليوم الأربعاء الحداد العام على أرواح "الضحايا من عسكريين ومدنيين الذين سقطوا نتيجة للتفجير الإرهابي الآثم في مدينة طرابلس."
وأعلنت رئاسة الحكومة اللبنانية "توقف العمل لمدة ساعة، اعتبارا من السعة 12 وحتى الواحدة ظهر الخميس على جميع الأراضي اللبنانية وعلى أن تعدل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون."
وكانت مصادر من "قوى الأمن الداخلي اللبناني" قد أكدت لـCNN سقوط 12 قتيلاً، على الأقل، وأكثر من 50 جريحاً في انفجار كبير هز مدينة طرابلس شمالي لبنان صباح الأربعاء ، تزامناً مع زيارة يقوم بها الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، إلى سوريا، هي الأولى لرئيس لبناني منذ انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005.
وأوضحت المصادر أن تسعة جنود على الأقل سقطوا بين القتلى، إضافة إلى اثنين من المدنيين، فيما رجحت ارتفاع حصيلة ضحايا الانفجار، الذي عزته وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية إلى عبوة ناسفة انفجرت في "شارع المصارف"، قرب حافلة ركاب صغيرة.
وأوردت الوكالة مباشرة عقب الانفجار، أن الانفجار، الذي وقع في حوالي الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، أدى إلى إصابة عدد من العسكريين الذي كانوا بداخل الحافلة، مضيفة أن عناصر من الجيش والصليب الأحمر تقوم على نقل القتلى والجرحى من المكان.
وأحدث الانفجار أضراراً كبيرة في السيارات المتوقفة على جانبي الطريق. وقد ضرب الجيش طوقاً أمنياً حول المكان.
وجاء الانفجار بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة من نيل حكومة رئيس الوزراء اللبناني، فؤاد السنيورة، ثقة مجلس النواب الثلاثاء.
وقالت الوكالة الوطنية اللبنانية للأنباء إن حكومة السنيورة، الذي كان يتولى أيضاً رئاسة الحكومة السابقة، نالت ثقة المجلس النيابي، بعد أن وافق مائة نائب على منحها الثقة، مقابل خمسة نواب صوتوا بحجبها، فيما امتنع نائبان عن التصويت.
يذكر أن منطقة مدينة طرابلس كانت قد شهدت العام الماضي مواجهات دامية امتدت لأشهر بين الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، وقد تعهد زعيم التنيظم، شاكر العبسي، في تسجيلات صوتية بتنفيذ عمليات انتقامية من الجيش.