شيخ كريم الحجاري الرميثي {{عضو جديد}}
عدد المشاركات : 93 العمر : 68 الدولة : العراق العمل/الترفيه : لسان الشيعة الناطق محقق ومفسر للقرآن الكريم تاريخ التسجيل : 18/12/2008
| موضوع: ألَم تـرَك كيفَ فعل ربك بأصحاب الفيل: من تفاسير العلامَة الشيخ الحجاري الرميثي الجمعة أكتوبر 15, 2010 12:01 am | |
| وَاعلَم يا ابنَ, ما عِلمِي وَعلْمُكَ فِي سِّـرِ هذا القُرآن مِن عِلْمِ اللهِ إلاَّ ما أخَذَ هذا العُصفُورُمِن هذا البَحرِ قَطْرَة بِمِنقارِه,, والحَمدُ لِلهِ الذِي عَلَّمَني حَرفاً وَكُنتُ لا أملِكُقَبلَه, فَأنزَلَهُ بِقلَمِي مُبارَكاً لأتَصَدى بـهِ فِي تَفسِير هـذا القـُرآن,, بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(فَوَجَدَا عَبْـداً مِـنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِـنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)(الكهف65) سُورَة الفِيل الجـِزء الثلاثون مِن القرآن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (أَلَمْ تَـرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيـلَ (3) (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) تَفسير: سُورَة الفِيل وَهِيَّ خَمْسُ آياتٍ نَزَلَتْ بِمَكَةَ عَن حادِثٍ جَلَّلٍ وَقـعَ أمام وَلادَة النَبيِّ مُحَمدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ,, وَأما الاسْتِفهامُ: في تَأوِّيلِ قولِـهِ جَلَّ ثناؤَهُ وَتَقدَسَت أسْماؤَهُ (أَلَـمْ تَـرَ) يَعني ألَـمْ يَنتَهِي إلى عِلْمِكَ يا مُحَمد فِعل رَبكَ بأصْحابِ الفِيل بما جاءَكَ تَواتر نقلُ الحادِثَة وعَلِمْتَ بِها مِنْ قرَيشٍ عِلْماً مُسْتَفِيضاً مُسْبَقاً قَبْلَ نبُوَتِكَ,, وَفِي التَقدِير: كانَ العَرَب يُؤرخُونَ مَطالِبَهُم وديُونَهُم بتِلكَ الحادِثَةِ فيَقولُونَ هذا الأمْرُ في كَذا حَدَثَ في عامِ الفِيلِ، أو بَعدِهِ, أو قَبْلِهِ,, وَالاسْتِفهامُ: مِنْ مَعنى هـذهِ السُورَة إنَها نَزَلَت قبْـلَ أربَعِينَ عاماً مِـنْ بِعثَـةِ النَبيِّ مُحَمدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وآلِـهِ التِي يَعُـود خَبَرُها بأنَها قريبَـةُ العَهْـد مِـنْ عَصرِ النبيِّ, فأرادَ اللـَّهُ أنْ يَخبِرَ نَبيَّـهُ بأنَ حادِثَةَ الفِيل هِيَّ مِـنَ النِعَـمِ التِي امْتَنَ اللـَّهُ بها على قرَيْش فِيما هَلكَ أصْحاب الفِيـل فَقاتَلَهُم الله دُونَ قرَيش فَهُـم أصْحابُ أصْحَمَة النَجاشِي, وَكانَ دِينَهُـم أقـرَبُ حـالاً مِما كانَـت عَليـهِ قرَيش مِنْ عِبادَةِ الأوْثان, وَقـدْ عَزمُوا على هَدمِ الكَعبَة وَأرادُوا مَحُو أثرِها مِنْ الوجُود فأبادَهُم اللهُ تَعالى وَأرغمَ أنافَهُم، وَخَيَّبَ سَعيَهُم، وَأضَّلَ عَمَلهُم وَرَدَهُم بشَرِ قوَّتِهِم هالِكِين, وعَبرَ اللهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَن خَبَـرِ هِذهِ القِصَة بالعِلْم الحاصِِل لِنَبيهِ الكَريمِ على قوَّةِ ثبُوتِ الرُؤيَة والمُشاهَدَة الحاصِلَة مِن قرَيْش: والمَعنى فِيها, كَما هُـوَ الاسْتفهامُ مِنْ ذلِك: أي لَقـد عَلِمْتَ يا مُحَمَـد عِلْماً لا يُخالَطُهُ رَيْبٌ وَلا الْتِباس ما فَعَلَهُ رَبُـكَ بأصْحابِ الفِيـل الذِين جاءُوا لِهَدمِ الكَعبَة بِما سَمِعتَ َوصَدَّقتَ مِنْ أقرَبِ الناسِ إلَيكَ حَيْثُ أهلَكْناهُم إهْلاكاً شَنِيعاً لا عَن الفِعلِ ذاتِـهِ: بَـلْ على كَيفِيَةِ الهَلاكِ الذي هُـوَ أكثـَرُ دَلالَـةً على قِدرَتِنا, فلا يَأخذُكَ الرَّيْب مِما أنزَلناهُ عَليكَ فتَيَّقـَن بأنَ العِبْـرَةَ وَالعِظـَةَ هِـيَّ الدَلالَةُ الواضِحَة على قدرَتِنا التِي لا يَعجِزُنا أحَـدٌ مِنها بِشَيءٍ في هَلاكِهِـم لِحمايَةِ بَيْتِنا الحَرام,, وَفِي التَعبيرِ كَما (فَعَلَ رَبُّك بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) وَهذهِ إشارَةٌ إليكَ يا مُحَمَد على أنَ هذا الفِعل لا يَقدَرُ عَليهِ أحَدٌ سُوى اللهُ, فأنا رَبُّكَ أتَعَهَدُ برعايَتِكَ وكَفالَتِكَ وَبِنَصْرِكَ على أعدائِكَ كَما نَصَرْتُ أهْل مَكَةَ على أصحابِ الفِيل, فعبَـرَ اللـَّهُ تَعالى (بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) يَعني: المُرادُ بأنَ الصاحِبَ هُـوَ لا عَلى جنْسِ الفِيـل نَفسَه بَلْ وَصَفَهُم الله في بَهِيمِيَةِ الفِيل لِعَدَم الفِهْمِ وَالعَقلِ,, وَكَذلِكَ كانَت السُورَة هِيَّ عِبارَةٌ عَـن ذِكْـرى لِلعِظَّةِ والاعتِبار, فَخاطبَ اللـَّهُ تَعالى رَسُولَهُ مَذَكِـراً إياه بفِعلِهِ وَبطشِهِ مِـنْ قـوَةِ أبرَهَةَ وَقوْمِه بآِبادِهِم في ساعَةِ فاصْبر يا مُحَمَد وَلا تَحمِل لِهَؤلاءِ الأعداءِ هَماً أنَ لَهُم ساعَةً كِساعَةِ أبْرَهَةَ النَجاشِي,, (أَلَـمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُـمْ فِـي تَضْلِيلٍ) الكَيْـدُ: هُـوَ الخُبِـثُ والمَكْـرُ, والتَضْلِيلُ هُـوَ التَضْيِّيعُ وَالإِبطال: بَـلْ كانَت حِيَّلَهُـم وَصَلَـت إلـى هَدَفِهِـم في الضَّلالِ الـذي قارَبَ الفِعلِ المُبِّين بِما حُمِـلَ أَحَدَهُم على ما يَكْرَه, لَقـد كانُوا يَضْمِرُونَ في قلُوبِهِم مِنْ الحِقدِ والحَسَدِ لأهْلِ مَكَةَ أكَثَرُ مِما كانُوا يُظْهِرُونَهُ بألسِنَتِهِم كَما بَيَّنَ اللـَّهُ تَعالى وََقال (قَـدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِـنْ أَفـْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَـرُ)(آلعمران118) يَعنِي: هؤلاءُ غَزُوا غَزْوَةً والقُوا كَيْداً لِقتلِ الناس وَهَدم الكَعبَة فكادَهُم اللـَّه قبْلَ أنْ يَقرَبَ الفِعلُ بالكَعبَةِ الشَريفَة, كَما وَردَ نَظِيـر قولِهِ تَعالى قرآناً وقالَ (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ)(الأنبياء:70) وَسُورَة الفِيل: هُوَ سَبَب نزُولُها لِتَفهِيمِ قرَيش وَتذكِرَهُم بأنَ لَوْلا لُطْفُ اللَّه وَفضْلَهُ لَّما بَقيَّ أثَرٌ لِلكَعبَةِ وَلا لِقرَيْشٍ,, أما خَلاصَة الحادِثَة: رَوِّيَ إنَ أبْرهَةَ ابـنُ الصَباح الأشْـرَم مِن قِبَـل أصْحَمَة النَجاشِي قـد رَأى أنْ يَبنِيِّ بَيْتاً في اليَمَنِ يَدعُوَّ العَرَب إلى حِجَةٍ بَـدَل حَجِهِم البَيْت الحَرام قصِداً تَحوِّيل التَجارَة والمَكاسِب مِـنْ أمِ القرى مَكَةَ إلى اليَمَن فَوافَقَهُ مَلِكُ الحَبْشَة جَدُ النَجاشِي الذي كانَ في عَهْـدِ نبُوَةِ رَسُول اللهِِ لِيُبْنى كَنِيسَة يَحِجُ إليها الناس بَدَلاً عَنْ الكَعبَةَ وَسَّماها (القـُلَّيْس) فَجاءَ رَجِلٌ قرَشِي يُدَعى مِـن كَنانَةٍ لَيلاً فتَغوَّطَ في الكَنِيسَة وَلَطَـخ جدرانُها بالعذرَةِ النَتِنَـة غَصَْباً مِنـهُ, ثـُمَ ذهَـبَ إلـى قومِـهِ قرَيـش: فلَّما رآها أبْـرَهَةَ الأشْرَم بتِلكَ الحالَة اسْتَشاطَ غيْـظاً مِـنْ قرَيـش كُلِّها وَجَهـزَ جَيْشاً لِغزْوِّهِـم وَهَدمِ الكَعبَة, فخَرَجَ بجَيْشٍ جَـرار ومَعَهُ أكْثرُ مِن عَشَراتِ الفِيَّلَة مُتَوجِهينَ لِهدَمِ الكَعبَة فَما وَقفَ في وَجهِهِم أحدٌ مِنَ العَرَبِ في طَريقِهِم إلا وقَتَلُوهُ,, فلَّما بَلغَ قريباً مِنْ مَكَةَ عَبَأ جَيْشَهُ وَقـدَمَ الفِيـلُ الأعظَم فكانَ كُلَّما وَجَهَهُ إلى جِهَةِ الكَعبَة برَكَ وَلمْ يَبْرَحَ, ثـمَ اسْتَعانَ بفيلٍ آخَـر وَبَعدَهُ بآخَـر فبَرَكَ الفَيَلةَ كُلَّها جَنْبَ الأول, ثـُمَ إنَ القَومَ الظالِمِينَ إذا وَجَهُوا الفِيَلة إلى جهَـةِ الحَبَشَة هَرْوَّلت وَلكنَهُم لا يَشْعِرُونَ بقدرَةِ اللهِ الذِي يَأبى أنْ يَهْدِمَ أحَـدٌ بَيتَـهُ الحَرام حَتى أخَذوا لِعَبدِ المُطلِب مائَتَي بَعيـرٍ فخَرَجَ إليهِم فِيها فَعَظِمََ جَـدُ النَبيّ فـي عَيْنِ أبرَهَةَ وَكانَ رَجُلاً جَسِيماً وَسِيماً حَتى قِيـلَ لَـهُ هـذا سَيـدُ بَطاء قرَيـش وَصاحِب عِير مَكَةَ, فلَّما ذكَرَ حاجَتَهُ عِندَهُم، أجابَهُ أبرَهَةَ وَقال: سَقطْتَ مِنْ عَينِي لِكوْنِكَ تُريد إبلُكَ وَلَمْ تَذكـر الكَعبَةَ وَهِيَّ شَرفـُكَ وَشَرَف أجْدادُكَ, ولَقد قَدِمْتُ لأهْدِمَ البَيْت الذي هُـوَ دِينُكَ وَدِيـن آبائُكَ فَسِماتكَ أنْ تَـذودَ عَنهُ, فقالَ عِبدُ المُطلِب أنا رَبُّ الإبْل, ولِلبَيتِ رَبٌّ يُحمِّيه,, وَهكذا جَرَت سفارَةٌ بينَهُم وَبَيْنَ عَبدِ المُطلِب جَد النَبيِّ صَلى اللهُ عليهِ وَآلِـهِ بأنَ يَرُدَ أبرَهَةَ إبْـل عَبْدُ المُطلِب وَلَـمْ تَنتَهِي المُنازعاتِ, فأمَرَ عَبـدُ المُطلِب رَجالَهُ أنْ يَخلُوا مَكَـةَ جَميعاً ويَلتَحِقوا برؤُوسِ الجِبالِ بشِيُوخِهِم وَنسائِهِـم وَأطفالِهم خِشَيَةَ المعرَة تَلْحَقهُم مِـنْ جَيـشِ أبْرَهـَةَ الظالِم،, فَتَحَرَكَ نَحوَّهُم جَيشُ العَدُو إلى وادِي محسّر حَتى صارُوا في وَسَطِهِ,, ثـُمَ رجَعَ عَبدُ المُطَلِب وَأتى البَيْت الحَرام وأخَـذَ مُتمَسِكاً بحَلَقتِهِ: قالَ يا رَب لا هُمَّ إنَّ المَرْءَ يَمْنَعُ رِحلَهُ فَامنَعْ حَلاَلَكْ لا يغلِبَنَّ صَلُيبُهُم وَمُحَالُهُمْ عَـدْواً مْحَالَكْ وإذا بفِرَقٍ مِنْ الطَيْرِ الأسْوَد جاءَت مِنْ نَحوِّ البَحَـر: فَقالَ وَاللـَّهِ إنَها لَطَيْـر غريبَة, فَرَأى مَعَ كُلِّ طائِرٍ حَجَر في مِنقارِهِ, وَحَجَرَينِ في رُجلَيِْهِ أكْبَـرُ مِن العَدَسَةِ وَأصْغـرُ مِـن الحُمِصَةِ,, فَما وَقَـعَ حَجَـرٌ على رَأسِ رَجُـلٍ مِنهُـم إلا وَخرَجَ مِنْ دُبْرهِ, كَما جَرى بتَدمِيرهِم في التَعبِّير قِيـلَ وَما سَقطَ حَجَرٌ على رَجُـلٍ إلا ذابَ وَتَناثـَرَ لَحمَهُ فهَلَكُوا معَ قائِدِهِم أبرَهَةَ الحَبَشِي إلا وَزيراً قَـد انفَلَتَ وَطائِرٌ يُحَلِقَ فوْقهُ وَبِمِنقارِهِ حَجَـرٌ حَتى بَلغَ النَجاشِي بِصَنعاءِ اليَمَن وَقالَ: قَدِمَتْ عَليْنا مِـنَ الطَيرِ جَماعاتٌ مِنَ صَوبِ البَحرِ الأحمَر حَتى مَرَّت فَوْقَََنا تَحمِلُ حِجارَةً صَغيـرَةً مِـنْ سِجيـلٍ مَعَ كُـلِّ طائِـرٍ يَحمِـلُ ثلاثَـةَ أحجارٍ واحِدَةٌ بمْنقارهِ واثنَتَيْنِ بمَخْلبَيْهِ تَرمِنا بها فتَفتَـتْ لِحُـوم أصْحابِنا وَتَناثـَرَت وَصارُوا كَالزَرْعِ المَأكُولِ,, فلَّما أتَمَ كَلامَهُ بِهَلاكِهِم وَقعَ عَليهِ الحَجَر وَخـرَ مَيِّتاً بَينَ يَدَيِّ النَجاشِي كَما جاءَ في التَذكِير بِما قالَ رَبُّكَ لِنَبيِّهِ مُحَمد (ص) (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ) يَعنِي: المُرادُ بِها طَيْـراً على شِكْلِّ مَجمُوعاتٍ (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) وَمَعنى سِجِّيل مَـنْ أَسْجَلْتهُ: أَي أَرْسَلتَهُ, فكَأنَها حِجارَةٌ مُرْسَلة عَليهُـم مِما كَتَبَ اللهُ تَعالى أَنَهُ يُعَذِّبَهُم بها وَهِيَّ حِجارَةٌ مِن الطِينِ اليابِس المُتَحَجِر مِنَ جَهَنَمَ لأنَ سِجِيل اسْـمٌ مِنْ أسْماءِ جَهَنَم أُخِـذَت مِنها الحِجارَة وكُتِـبَ عَليها العَذاب المَكْتُوب المُـدَوَّن فـي سِجِيـل وَهُـوَ الدِيوانُ الذِي كُتِـبَ فِيـهِ عَـذاب الكُفار,, فَتََبَيَنَ في هـذا الإعجازُ الواقِع فلا يَجْـري عَليهِ الأعـذار والتَكذِيب حِيـنَ تَلاهُ الرَسُول على قُرَيـش، لأنـَهُ لَيْـسَ في شَيءٍ يَمتَـزج مِـنَ الطَبائِع والحِيَّلِ أنْ يُقبَلَ طيْرٌ صَغيرٌ مَعَها حِجارَةٌ تَقصِدُ بِها قوْماً دُونَ قوْمٍ فتَهلِكَهُم وتَتناثـر لَحُومَهُم مِما جَعـَلَ اللَّـهُ داخِـل هـذهِ الحِجارَة قـدرَةٌ ذَريَـة فتَحرَكَت وَوَلدَتْ انفِجاراً هائِلاً بأجسادِهِم فَصارَت (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) وَفي الجَوابِ: لَّما قالَ اللهُ (طَيْـراً أَبَابِيلَ) جَعَلَ اسمُ الطَيـْرَ لِلتَنكِيرِ وَالتَحقِيرِ فإنَهُ مَهْما كانَ التَحقِيرُ بشَأنِ العَدُو كانَ عَذابُ اللهِ أعجَب وأكْبَر وَهـذِهِ مِنْ المَعاجِز التي جَعَلَت الطَيْر تَرمِي بِحجارَةٍ صَغيرَةٍ لا تَـزِّنُ إلا بوَزنِ العَدَسَةِ فـلا تُخْطِيءَ القَتِيلُ لأنَهُ مَكْتُوبٌ على كُلِّ حَجَـرٍ اسْم صاحِبهُ دَلِيلاً بِما سُمِيَّ العَذابُ مَوْصُوفٌ بالإرسالِ لِقـَولِ اللـَّهِ تَعالى (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْـراً أَبَابِيـلَ) وَقُرَيش تُشاهِد الحَدَث الجَلِّل بِما لَـمْ يَكُن بَيْـنَ عـامِ الفِيـلِ وَمَبْعَـث النَبيِّ إلا أربَعُونَ سَنةً,, فَلِّمَ لا تـُؤمِنُ قرَيـْش بأنَ الكَعبَةَ هِيَّ إتِباعٌ لِدِينِ رَسُول اللـَّهِ مُحَمَدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلم,, وَفِي التَحقِير: قالَ رَبُكَ (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) أي جَعلَهُم كَزَرعِ قَـد أُكِـلَ حَبَهُ وَبَقِيَّ تِبْنَهُ, ذلِكَ لآثارِ ما فَعَلَتهُ الحِجارَةُ التِي أرسَلَتها الطيُور,, والعَصْفُ: وَرَقُ النَبات الجاف المُتَهَشِمُ الذِي يَبْقى بَعـدَ الحَصادِ ما تَعصفهُ الرِياح مِن بَذرِهِ فتَأكلُهُ الدَواب وَما مَأوَاهُمُ إلا جَهَنَمَ وَلَبِئْسَ الْمَصِير,, ((انتهى تَفسِير الشيخُ ألحَجاري الرُميثي)) **************************(وكانَ رأي: آيَة الله مَحَمد حسين الطَباطبائي في تَفسِيرهِ لِسُورةِ الفيل) بِسمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ: أَ لَمْ تَرَ كَيْف فَعَلَ رَبّك بِأَصحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يجْعَلْ كَيْدَهُمْ في تَضلِيلٍ (2) وَأَرْسلَ عَلَيهِمْ طيراً أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فجَعَلَهُمْ كَعَصفٍ مّأْكولِ (5)بَيــــــــان ــــــــــــــفيها إشارة إلى قصة أصحاب الفيل إذ قصدوا مكة لتخريب الكعبة المعظمة فأهلكهم الله بإرسال طير أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول، وهي من آيات الله الجلية التي لاسترة عليها وقـد أرخوا بها وذكرها الجاهليون في أشعارهم، والسورة مكية, قوله تعالى: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل المراد بالرؤية العلم الظاهر ظهور الحس والاستفهام إنكاري، والمعنى: ألم تعلم كيف فعل ربك بأصحاب الفيل، وقد كانت الواقعة عام ولد فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم, قوله تعالى ألم يجعل كيدهم في تضليل المراد بكيدهم سوء قصدهم بمكة وإرادتهم تخريب البيت الحرام، والتضليل والإضلال واحد، وجعل كيدهم في تضليل جعل سعيهم ضالا لا يهتدي إلى الغاية المقصودة منه فقد ساروا لتخريب الكعبة وانتهى بهم إلى هلاك أنفسهم قوله تعالى: وأرسل عليهم طيراً أبابيل الأبابيل: كما قيل جماعات في تفرقة زمرة زمرة، والمعنى وأرسل الله على أصحاب الفيل جماعات متفرقة من الطير والآية والتي تتلوها عطف تفسير على قوله(ألم يجعل كيدهم في تضليل) قوله تعالى (ترميهم بحجارة من سجيل) أي ترمي أبابيل الطير أصحاب الفيل بحجارة من سجيل، وقد تقدم معنى السجيل في تفسير قصص قوم لوط, قوله تعالى فجعلهم كعصف مأكول, العصف ورق الزرع, والعصف المأكول ورق الزرع الذي أكل حبه أو قشر الحب الذي أكل لبه والمراد أنهم عادوا بعد وقوع السجيل عليهم أجسادا بلا أرواح, أو أن الحجر بحرارته أحرق أجوافهم، وقيل المراد ورق الزرع الذي الأدب القرآني,, بحث روائي ـــــــــــــــــ في المجمع: أجمعت الرواة على أن ملك اليمن الذي قصد هدم الكعبة هو أبرهة بن الصباح الأشرم و قيل: إن كنيته أبو يكسوم و نقل عن الواقدي أنه جد النجاشي الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ساق الكلام في قصة استيلائه على ملك اليمن إلى أن قال: ثم إنه بنى كعبة باليمن جعل فيها قبابا من ذهب فأمر أهل مملكته بالحج إليها يضاهي بذلك البيت الحرام، و إن رجلا من بني كنانة خرج حتى قدم اليمن فنظر إليها ثم قعد فيها يعني لحاجة الإنسان فدخلها أبرهة فوجد تلك العذرة فيها فقال: من اجترأ علي بهذا؟ ونصرانيتي لأهدمن ذلك البيت حتى لا يحجه وكان أكثر من اتبعه منهم عك والأشعرون وخثعم, قال: ثم خرج يسير حتى إذا كان ببعض طريقه بعث رجلا من بني سليم ليدعو الناس إلى حج بيته الذي بناه فتلقاه أيضا رجل من الحمس من بني كنانة فقتله فازداد بذلك حنقا وحث السير والانطلاق وطلب من أهل الطائف دليلا فبعثوا معه رجلا من هذيل يقال له نفيل فخرج بهم يهديهم حتى إذا كانوا بالمغمس نزلوه وهو من مكة على ستة أميال فبعثوا مقدماتهم إلى مكة فخرجت قريش عباديد في رءوس الجبال وقالوا لا طاقة لنا بقتال هؤلاء ولم يبق بمكة غير عبد المطلب بن هاشم أقام على سقايته وغير شيبة بن عثمان بن عبد الدار أقام على حجابة البيت فجعل عبد المطلب يأخذ بعضادتي الباب ثم يقول: لاهم أن المرء يمنع رحله فامنع جلالك, لا يغلبوا بصليبهم ومحالهم عدوا محالك لايدخلوا البلد الحرام إذا فأمر ما بدا لك: ثم إن مقدمات أبرهة أصابت نعما لقريش فأصابت فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم فلما بلغه ذلك خرج حتى أتى القوم، و كان حاجب أبرهة رجلا من الأشعرين وكان له بعبد المطلب معرفة فاستأذن له على الملك وقال له: أيها الملك جاءك سيد قريش الذي يطعم إنسها في الحي ووحشها في الجبل فقال له ائذن له, وكان عبد المطلب رجلا جسيما جميلا فلما رآه أبو يكسوم أعظمه أن يجلسه تحته وكره أن يجلسه معه على سريره فنزل من سريره فجلس على الأرض وأجلس عبد المطلب معه ثم قال ما حاجتكقال: حاجتي مائتا بعير لي أصابتها مقدمتك فقال أبو يكسوم: والله لقد رأيتك فأعجبتني ثم تكلمت فزهدت فيك فقال: ولم أيها الملك؟ قال: لأني جئت إلى بيت عزكم ومنعتكم من العرب وفضلكم في الناس وشرفكم عليهم ودينكم الذي تعبدون فجئت لأكسره وأصيبت لك مائتا بعير فسألتك عن حاجتك فكلمتني في إبلك و لم تطلب إلي في بيتكم فقال له عبد المطلب أيها الملك أنا أكلمك في مالي ولهذا البيت رب هو يمنعه لست أنا منه في شيء فراع ذلك أبو يكسوم وأمر برد إبل عبد المطلب عليه ثم رجع وأمست ليلتهم تلك الليلة كالحة نجومها كأنها تكلمهم كلاما لاقترابها منهم فأحست نفوسهم بالعذاب إلى أن قال: حتى إذا كان مع طلوع الشمس طلعت عليهم الطير معها الحجارة فجعلت ترميهم، وكل طائر في منقاره حجر وفي رجليه حجران وإذا رمت بذلك مضت وطلعت أخرى فلا يقع حجر من حجارتهم تلك على بطن إلا خرقه ولا عظم إلا أوهاه وثقبه، وثاب أبو يكسوم راجعا قد أصابته بعض الحجارة فجعل كلما قدم أرضا انقطع له فيها إرب حتى إذا انتهى إلى اليمن لم يبق شيء إلا باده فلما قدمها تصدع صدره و انشق بطنه فهلك ولم يصب من الأشعرين وخثعم أحد، الحديث أقول وفي الروايات اختلاف شديد في خصوصيات القصة من أراد الوقوف عليها فعليه بمطولات السير والتواريخ,, (انتهى تفسِير الطَباطبائِي) __________________ ] | |
|