شيخ كريم الحجاري الرميثي {{عضو جديد}}
عدد المشاركات : 93 العمر : 68 الدولة : العراق العمل/الترفيه : لسان الشيعة الناطق محقق ومفسر للقرآن الكريم تاريخ التسجيل : 18/12/2008
| موضوع: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ: من تفاسير الشيخ الحجاري الرميثي الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 1:49 pm | |
| (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ) يا خُطباء المَنابر أسألكُم باللهِ الذِي تعبدُونهُ كَم مَرَةٍ جاءَت هـذِهِ الآيَـة على نطاقِ ألسنتِكُم هَلْ وضَحتِمُوها لِلناسِ كَما وَضَحتُها بهذا التأوِّيل, فيَكْفِي بأنَكُم لا تَسْتطِيعُونَ أمْ خَفِيَّ عَليكُم مَعناها, أمْ هِيَّ آيَة لا يُوجَد مَعانِيها في التفاسِير؟؟
سُورَة البَقرَة الجـِزء الأوَل مِن القرآن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِــهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)
تفسير (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)
اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى لَّما قـدَّمَ الأحكامُ النازِّلَة قرآناً فِي هَلاكِ المُنافِقِينَ وَالمُشركِينَ
أقَبَلَ بالخِطابِ مِنْ بابِ الالتِفاتِ لِلناسِ عامَـةً لِيَعبِـدُوه فَوضِعَ حَـرفُ اليـاء فِـي
أصْلِهِ للِنِداءِ البَعيدِ, وَكَما يُنادى بِهِ القَريب, وَلِكثْرَةِ وقُوعِ النِداءِ فـِي القُرآنِ لَمْ
يَقَع نِداءٌ إلاَّ بِها, ومَضمُون مَعنى الآيَة: إنَها لا تَخْص العِبادَةَ لِرَّبٍ إلا أنْ يَكُونَ
فاضِلاً وَمُنْعِماً وَمُجِّيراً وَمُجْبِّراً وَجَدِيراً بِمَنْ كانَ مالِكاً وَمُصْلحاً أَحوال المُتَعَبِـِد
أنْ يَخْلُصَ بِالعِبادِ لِرَبِـهِ اللـَّهُ الذِي يُطْلقُ عَلى السَيـدِ وَالمُدَبِّـرِ وَالمُرَبِّي وَالقَيِّـم
وَلا يُطلَقُ غيـرَ مُضافٍ إلاَّ عَلَى اللهِ تَعالى,, وَإذا أُطْلِقَ عَلى غَيْرهِ أُضِيفَ اسْماً
فيُقال فُلانٌ رَبُّ البَيتِ,,
فَهُوَ اللهُ الذِي يَجْبِّرُ الخَواطِر لِيَزداد بِهِ المُحسِنُون إحساناً وَيَنْكَفُ بِهِ المُجْرمُونَ
عَنْ سُوءِ أعمالِهِم,,
وَلََفْظُ النِداء فِي القُرآنِ ذُكِرَ عَلى سَبْعَةِ وجُوهٍ: مِنهُ نِداءُ مَدحٍ وَنِدُاءُ ذَّمٍ, وَنِداءُ
تَسْمِيَِة, وَنِداءُ تَنْبيه وَنداءُ إنذار, وَنداءُ إضافَة، وَنِداءُ نِسْبَة، فأما نِداءُ المَدح
هُوَ كَقوْلِهِ تَعالى (يا أيُها النَبِّى)(يا أيُها الرَسُول)(يا أيُها الذِيَن آمَنُوا) أما نِداءُ
الذَّم كَقَوْلِهِ تَعالى قالَ (يا أيُها الذِينَ كَفَرُوا) وَنِداءُ التَنْبيه كَقولِهِ تَعالى (يا أيُها
الإنْسان) (يا أَيُها الناس) وَنِـداءُ الإنـذار كَقولِهِ تَعالى: قالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) وَنِـداءُ الإضافَة كَقولِهِ تَعالى (ياعِبَادِي) وَنِداءُ النِسْبَة
كَقوْلِهِ تَعالى (يا بَنِي آدَم )(يا بَنِى إسْرائِيلَ)
أما نِداءُ التَسْمِيَة كَقولِهِ تَعالى (يا إِبْرَاهِيم)(يا مُوسى)(يا عِيسى) ثـُمَ أشارَ اللهُ
إلى نِداءِ التَنبِيه: وَقالَ (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) فَجاءَت العِبادَة أمْراً فِي اسْتِفراغِ النَفسِ
امْتِثالاً لِمُطََلَباتِ تَحقِيقِ الغَيبِ, وَالإيمان بالغَيبِ الذِي يَدخِلُ فيهِ التَوحِيدِ بالقَلبِ
الذِي هُـوَ مَحَلُ التَفريدِ بالقَصْدِ الخاشِعُ بِسِّـرِ الطاعاتِ التِي يَحمِلُها دَلِيلُ النَظَـر
بالعَقلِ, وَلَوْ وُجِبَتْ العِبادَة بالشَريعَةِ لأُمِرَ الناسُ أوَلاً بالنَظَر ثَمَ بالتَوحِيدِ وَلِهذا
قالَ اللهُ في كَتابِهِ (وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)(البقرة:197)
الآيَةُ هُنا مُسَّوقَة لاثباتِ التَوحِيدِ وَتَحقِيقِ نِبُوَّةِ مُحَمدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وآلِـهِ: أنْ
تَعبِِدُوا رَبَّكُم اللهُ الذِي خَلَقَكُم وَأنشَأكُم كَما خَلقَ كُلَّ شَيءٍ, وَكُلُّ شَيءٍ راجِعٌ إليهِ
فاعبِدُوه لَعَلَكُم تُعِدُونَ أنفُسَكُم وَتـُهَيِئُونَها لِطاعَتِهِ لِكَي تَتَطَهَر بفضْلِ عِبادَتِها لهُ
سُبْحانَه إنَهُ هُوَ الرَّبُّ العَظِيمُ الذِي أرْشَدَكُم إلى دَلائِلِ التَوحِيدِ, وَأنارَ لكُم طَريقَ
صِراطِهِ المُسْتَقيم, ثمَ أمَرَكُم لامْتِثالِ أوامِرهِ، واجْتِنابِ نَواهِيه، وَتَصْدِيقِ خَبَره
وَهُوَ خِطابٌ لِمُشْركِي مَكَة وَغيرهِم يُذكِرَهُم اللـَّه الذِي جَعـلَ لَهُم السَماءَ غِطاءً
وَالأرضَ وطاءً، والمُباحاتَ رزقاً، وَالطاعَة حِرفةً وَالعِبادَةَ شُغلاً وَالذِكْرَ مُؤنِساً
وََالعِبُودِيَةُ نَوعان بالقصْرِ وَالمِدِّ: جَمْعُ العَبْدُ كالعِبَادِ وَالعَبِيدِ, وَالقِياسُ أنْ نَكونَ
عِباداً وَعَبيداً للهِ سُبُْحانَهُ وَتعالى, يُقال: أعْبَدْتَهُ جَعَلتَهُ عَبْداً مُطِيعاً لِحُكْمِي,,
وَتَعَّبَدَهُ وَاسْتَعْبَدَهُ: أيْ صَيَّرَهُ اللهَ كَالعَبْدٍ لَهُ,,
فَتُنسَّب عِبُودِيَةِ الناسِ إليهِ عَـزَّ وَجَّـل، فإنَّ المُسْتَحِقَّ لِذلِكَ اللَّهُ هُـوَ رَبُّ العِبادِ
وَالعَبِيد ذلِكَ لِِّما قالَ (رَبُّكُمْ) تَنْبيهاً عَلى أنَ النِداءَ المُوجِبُ لِلعِبادَةِ هِيَّ الرِّبُوبيَةِ
عَلى سَبيلِ الطاعَـةِ وَالتَذلـُلِ وَالاسْتِكانَة,, لأنَ ما يَعقـُبَ العِبُودِيَةُ أمُـورٌ عِـظام
وخُطوبٍ جِسام مِنْ تِلكَ الأوامِرِ وَالنَواهِي التِي هِيَّ فِي جُملَةِ الحَدِيثِ الشَريفِ
بِما يُريدُ الله بِها مِنْ مَعنى الآيَة (يا عِبادِي أعبِدُونِي بِقِلُوبِكُم بالتَوْحِيِد وَالإيمانِ
وَبجَوارِ حِكُم الطاعَةِ وَالإذعانِ وَبأرْواحِكُم بالشِهُودِ وَالعيانِ فأنا الذِي أظْهَرْتَكُم
مِنَ العَـدَمِ أنتـُم وَمَنْ كانَ قَبْلَكُـم, وَأسْبَلْتُ عَلَيْهُـم سَوابِـغَ النِعَـمِ, الأرضُ تَقلـُكُم
وَالسَماءُ تَظِلُكُم، وَالجَهات تَكْتَنِفكُم وَأنزَلْتُ مِنَ السَماءِ ماءً فأخْرَجْتُ بهِ أصْنافاً
مِنَ الثَمَراتِ رِّزقاً لَكُم، فأنتـُم جَوْهَرَة الصِّدق تَنْطَوِّي عَليْكُم أصـْداف مَكْنُوناتِي
وَأنتـُم الذِينَ أطْلَعتَكُـم عَلى أسْـرارِ مَكْنُوناتِي،, فَكَيـفَ يُمَكِنكُـم أنْ تَتَوَجَهُوا إلى
غَيْرِي وَقـد أغنَيْتَكُم بِلَطائِفِ إحسانِي وَبَرِّي، أنْعَمْتُ عَلَيْكُم أوَلاً بالإيجادِ، وَثانِياً
بتَوالِي الإمْدادِ، خَصْصتكُم بنُوِر العَقـلِ وَالفِهْـمِ، وَأشْرَقتُ عَلَيْكُم نبْـذَة مِنْ أنْوارِ
القِدَمِ فَبِّيَ عَرفتِمُونِي وَبقدرَتِي عَبَدتِمُونِي فلا شَريكَ مَعِي وَلا ظَهِيرَ يُظاهِرَني
وَلا احتِياج إلى مُعِينٍ وَلا وَزير,, أنا رَبِكُم اللـَّه الغَفـُورُ الرَحمنُ الرَحيمُ القَـوِّيُ
الْعَزِيـزُ الحَكِيمُ العَلِيـمُ القَدِيـرُ المَـلِكُ القـُدُّوسُ السَّـلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الجَـبَّارُ
المُتَكَبِّر (الَّذِي خَلَقَكُمْ) الجُمْلَةُ هُنا: أُخْرِجَتْ لِلناسِ وَأهْـلِ مَكَـةَ مَخْـرَجَ المُقَـرَر
لاعتِرافِهِم بالخالِقِ الذِي أوْجَدَهُم بَعَد أنْ لَـمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ, كَما جاءَهُم في
نَظِيرِ قَولِهِ تَعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) يا مُحَمد (مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)(الزخرف87)
لِتَأكِدَهُم بأنَ الخالِقَ هُوَ اللـَّهُ بأدنى عِلْم مِنْهُم, وَقـُرئَ لَهُم قَولِهِ تَعالى (وَالَّذِيـنَ
مِـنْ قَبْلِكُمْ) عَلى وَجْـهِ التَوكِيدِ مِما أوْجَـدَ اللـَّهُ تَعالى مَنْ تَقَـدَمَ عَلى زَمانِكُم مِنَ
البَشَرِ بِنِعمَتِهِ عَلَيْهِم وَعَلى آبائِكُم اللَّذِينَ أنعَمَتـُم بِهِم, فإليهِ الإشارَةُ بِقرآنهِ قال
(أَنْتُم الفـُقَرَاءُ إِلَـى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(فاطر:15)
فِي أسْمائِهِ تَعالى الخالِقُ: هُوَ اللهُ الذِي أوْجَـدَ الأشْياءَ جَمِيعَها بَعدَ أنْ لَـمْ تكُـنْ
مَوْجُودَةً بِخَلقِكُم,, وَأصْلُ الخَـلْق التَّقْدِيـر: فهُوَ باعتِبارِ تَقدِيـرٌ ما مِنهُ وجُودُها
وَباعتِبارِ الإيجادِ عَلى وَفقِ التَقدِيرِ خالِقٍ فَهُوَ مُنشِأَُ الخَلائِق,,
وَالخَلْقُ الناس وَالخَلِيقَةُ البَهائِمُ, وَهُما بمَعنى وَاحِِدٍ وَجَمِيعُ الخَلائِقِ بيَدِهِ تَعالى
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) يعني لَعَلَّكُمْ تَلْبَسُونَ لِباسِ العبُودِيَةِ المُشارُ إليها,وَالتَّقِيَّةُ وَالتُّقاةُ
بمَعنى وَاحِدٍ يُريدُ اللهَ مِنَ الناسِ أنهُم يَتَقُونَ شَرَ النار بعَضُهُم بَعضاً وَيُظْهِرُونَ
الصِلْحَ وَالاتِفاقَ بالإيمانِ بينَهُم وَإليهِ يَعبِدُون،,
وَجاءَت كَلِمَة لَعَلَّكُمْ: لَيْسَتُ هِيَّ مِـنَ اللَّهِ بمَعنى التَرَجِّي أوْ الإشْفاق بِـهِ، وَإنـَما
هِيَّ بمَعنى (كَيْ) تَتَقـُونَ, أوْ لِكَيْ تَتقـُونَ, وَالتَقوَى هِيَّ التَوَّقِّي: أوْ الوقايَة مِنْ
عَذابِ اللـَّهِ بِعِبادَتِهِ, وَالعِبادَةُ لا تَحصَل عِنـدَ الجَهْل تَرَجياً إنَما التَرَجِي بالعِبادَةِ
راجِعٌ إلى العِبادِ لا إلى اللهِ, كَما ذكَرَ فِي قوْلِهِ (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)(طه:44)
وَهُوَ العَبْدُ الذِي يَتَذلَل بِعِبُديَتِهِ لِمَعبُودِهِ وَهُوَ اللهُ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً)
أي مَهَّدَ اللـَّهُ الأرضَ لِلناسِ كَالبِِساطِ المَفرُوشِ الـذِي لا يُنافِي كَرَوِّيَتها لِكَوْنِها
عَظِيمَةٌ, فجَعلَ لِكُلِّ قِطْعَةٍ مِنها كَالسَطحِ فِي إفتِراشِهِ كَالفِراشِ الذِي يَأوِّي إليـهِ
الناس,, هِـذهِ الأرضُ التِـي يَسْتَقِـرُونَ عَليْها,, وَيَنتَفِعُـونَ بالأبنِيَـةِ وَالزراعَـةِ
وَالسِلُوك مِنْ مَحَلٍ إلى مَحَلٍ، وَمِنْ قارَةٍ إلى قارَةٍ,,
وَالمُرادُ مِنْ هَدَف مَعنى الآيَة: هُوَ التَعَلُق بِطاعَةِ اللـَّهِ والاعتِرافُ بنِعمَتِهِ التِي
جَعَلَ مِنها الأرضَ بِساطاً يُمَكِنَهُم لِتَسْتَقِرُوا عَلْيها وَهِيَّ مَبْسُوطَة ساكِنَة دائِمَة
السِكُون وَجَعَلَ لَكُم فِيها الأنْهارُ الجاريَة, وَالأوْدِيَة السَحِيقَة, وَالجِبالُ الشاهِقَة
وَالبحارُ اللُجَج العَمِيقَة فِيها رزقٌ لَكُم مِما تَشتَهُون،,
سُئِلَ الإمامُ عَلي ابن الحُسَين عَليهِ السَلام عَنْ كَيفِيَةِ الأرض كَيفَ تَكُون فِراشاً
فأجابَ مُفَسِراً لِهذهِ الآيَة: قال (جَعَلَهَا مُلاَئِمَةً لِطِبَاعِكُمْ، مُوافِقَةً لأجْسادِكُمْ وَلَمْ
يَجْعَلْهَا شَديدَةَ الْحماء وَالْحَرارَةِ فَتُحِرقَكُمْ، وَلاَ شَدِيـدَةَ البُـرُودَةِ فَتُجْمِدَكُمْ,, وَلاَ
شَدِيدَةَ طيب الرِّيح فَتَصدَعَ هَامَاتِكُمْ، وَلاَ شَديدَةَ النَّتْنِ فَتُعْطِبَكُمْ، وَلاَ شَديدَةَ اللِّيْن
كَالْمَاءِ فَتُغْرِقَكُمْ، وَلاَ شَديدَةَ الصَّلاَّبَةِ فَتَمْتنِعَ عَلَيْكُمْ في دُورِكُمْ وَأَبْنِيَتِكُمْ, وَقـبُورِ
مَوْتَاكُمْ, فَلِذَلِكَ جَعَلَ الأَرْضَ فِرَاشاً لَكُمْ)
وَفِى كِتابِ المَلكُوت قالََ أهْلُ اللُّغةَ: أنَ الارضَ بِساطُ العالَم, وَبسِيطُها مِنْ حَيثُ
يُحِيط بها البَحر الذِي هُوَ البَحرُ المُحِيط أرَبعة وَعشرُونَ ألْف فَرْسَخ لِكُلِّ فرسَخٍ
ثلاثَةُ أمْيال وَهُوَ إثْنا عَشَر ألْف ذِراع بالذَرعِ المُرسِلَة, وَكُلّ ذِراعٍ سِتَ وَثلاثونَ
إصْبعاً لِكُلِّ إصْبعٍ سِتَ حَباتٍ شِعِير مَصْفوفَةً بطُون بَعضَها إلى بَعضٍ فلِلسُودان
إثنا عَشَر ألْف فرسَخ, وَلِلبيضانِ ثَمانِيَة, وَلِلفُرسِ ثلاثَةَ وَلِلعَرَبِ ألْف,,
وَمِنْ هذا ذَكَرَ اللهُ اسْم الأرض فِي (275) آيَة لِعَظَمَتِها فِي خَيراتِها, وَأوَلُ خَيرٍ
جَعَلَهُ فِي وَسَطِها الكَعبَة: وَأما كُلُّها عامِرُها وَخَرابُها فهُوَ المَوْضِعُ الذِي يُسَّمى
قَبَة الارض وَهُـوَ مَكانٌ يَعتَـدِلُ فِيـهِ الأزْمان فِي الحَّـرِ وَالبَـردِ, وَيَسَتَـوِّي اللَّـيْلَ
وَالنَهار اللَّذانِ يَتَعاقبانْ عِندَ دخُولِ فَصْلٍ بِفَصْلٍ آخَـر,,
وَعَنْ الإمامِ عَلِيِّ عَليهِ السَلام قالَ إنَما سُّمِيَّت الارض أرْضاً: لأنَها تَتَأرَض مَعَ
ما فِيها, وَقالَ النَحوِّيُون: لأنَها تَتَأرَض بالحَوافِرِ وَالاقدامِ ,,
وَذكَرَ اللهُ فِي آيةٍ أخْرى: وَقالَ (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً)(النبأ:6) يَعنِي فَرَشَها
مَوْطِأً لَكُـم كالمَهْـدِ لِتـُمَكِنَهُم الأرض لِتَقَلـُبِ عَليْها فِي إنحنائِها, وَهـذا لا يُنافِـي
لِكَوْنِها كَرَوِّيَةُ الشَكْلِ عَلى أمْرهِ تَعالى,,
(وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) أي سَقفاً مِنْ غَيرِ دَعامَةٍ مَرفوعةٍ كَما هُوَ في نَظِيرِ قولِهِ تَعالى
(اللـَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْـرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)(الرعد:2) أي: رَفعَها اللهُ تعالى
بِغَيـرِ دَعائِمٍ: وَالجُملَّةُ حال تَعجُب, لأنَ العَـرَب تَضَعُ البَيْت مَوضِع الشَّـرَفِ فِي
النَّسَبِ وَالحَسَبِ وَالعِمَادُ وَالعَمُودُ الخَشَبَة التِي يَقُومُ عَليها البيْت,,
وَلِمَفهُوم مَعنى السَّماء لاِقتِرانِها بِناءً وَسَقفاً فِي التَعبيراتِ القُرآنِيَة: لأنَها تَعلُو
البَشَر عَلى هِذهِ الأرض: كَما وَرَدَ التَعبيرُ عَنها فِي قَولِهِ تَعالى (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ
سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ)(الأنبياء32) يَعني لَعَلَ سَقف السَماء
يُثِير اسْتِغراب الذِينَ كَفَرُوا عَسى أنْ يَفهَمُوا وَيَتَساءَلُونَ عَنْ بِناءِنا هُوَ كَمَوْقعِ
الأرض فِي الفَضاءِ عَنْ مَكانِهِ وَكَيْفِيَتِهِ بأبعادِهِ: أوْ هِيَّ كَنِسْبَةِ جَـوِّ الأرض مِما
يُحِيطُها بالطَبَقَةِ الهَوائِيَةِ الكَثِيفَةِ وَما يَبْلُغ سُمْكُها مِنَ الأمْيال التِي لا تُعَد,,
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ)
المُرادُ مِنْ هَدفِ مَعنى الآيَـة: هِيَّ تَذكِـرَةٌ لِمَـنْ يَخْشى اللـَّهُ الذِي خَلَـقَ السَـماءَ
كالقُبَةِ المَضْرُوبَةِ وَالخَيْمَة المُطَّنَبَةِ فأنزَلَ الماءَ مِنْها وَأحيى الأرضَ بِهِ وَأخْرَجَ
مِـنْ بَطْنِها أشْـباه الثِـمار رِّزْقـاً لِبَنـِي آدَم لَعَلَهُـم يَشْكِرُونَ رَبَّهُـم الذِي فَلـَقَ لَهُـم
بالمَطَّرِ الحَبَةَ فِي الأرضِ, فأخرَجَ مِنها الثَمَرات بِغَرائِبِهِ الحَكِيمَةِ التِي لَيْسَ فِي
إنْشائِها بَغتَةً مِنْ غِيْرِ تَدريجٍ وَتَرتِيبٍ,,
كَذلِكَ: هُوَ الرَّزَّاقُ الذِي خَلَقَ الأرْزَاقَ وَأعْطَى الخَلائِقَ أرْزَاقَها وَأوْصَلَها إليهُم
وَالأرْزَاقُ قُسِّمَت نَوعان ظاهِرَةٌ للأبْدانِ كالأقْواتِ وَهُوَ المَعاشُ وَباطِنَةٌ لِلقِلُوبِ
وََالنفُوسِ كالمَعارفِ وَالعُلُومِ الإسْلاميةِ,,
وَالمُرادُ مِنْ فِهْم الآيَة لِيُنَبهَهُم اللهُ تَعالى بأنَهُ هُوَ الذِي سَخَرَ لَهُم مافِي الأرضِ
كُلِّ المُسَخِراتِ التِي لا تَتَجاوَز حِدُودَها,,
(فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتـُمْ تَعْلَمُونَ) أي: لا تَجْعَلُوا أمْـثالاً أوْ تَماثِلاً ونـُضَراءَ
تَعبدُونَها وتُسَّمُوها آلِهةً لَكُم,, وَالأنْدادُ جَمْعُ نِـدٍّ بالكَسْرِ هُـوَ مِـثلُ الشَيءِ الذِي
يُضاد الله ويُنادِّه أي يُخالِفُهُ فِي أمُورِهِ وَهُوَ الصَّنمُ الذِي شَرَكُوهُ الكُفار يَتَّخِذُونَهُ
آلِهَةً لَهُم مِنْ دُونِِ اللهِ, حَتى قالَ لَهُم (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنَ جُزْءَ الايَـةُ لا تَتَناقضُ
مَعَ الاياتِ الأخْرى فِي القرآنِ الكَريم بِأنَهُم لا يَعلَمُونَ, كَما وَرَدَ بِرَدعِهم كَقوْلِهِ
تَعالى (فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لايَعْلَمُونَ)
وَالمُرادُ مِنْ مَعنى الآيَةَ (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) عَنْ حالِكُم وَصِفاتِكُم مِنْ صِحَةِ التَمْيِّيزِ
بَيْنَ الصالِحِ وَالطالِحِ, وَالصَحِيحِ وَالفاسِدِ وَأنتـُمْ تَعلَمُونَ ما أنْتـُم عَليهِ فِي أمْـرِ
عِبادَتِكُم مِنْ جَعلِ الأصِنامِ وَالأوْثانِ لِلهِ أنْداداً تَشْركُونَها بِـهِ عَلى غايَـةِ الجَهْلِ
وَنَهايَةِ سَخافَةِ العَقلِ: وَأنتُم تَعلَمُونَ باللهِ تَعالى هُوَ العالِمُ المُحِيطُ عِلْمُهُ بِجَميعِ
الأشْياءِ الكَونيةِ ظاهِرِها وَباطِنِها, دَقِيقِها وجَلِيلِها,,
وَدَلِيلُ المَعنى: هُوَ نَظِيرُ قوْلهِ تَعالى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ
إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(الزمر:3) الزُلفى هُوَ التَقَرِبُ مِنَ الأوْثانِ بواسِطتِها
إلى اللـَّهِ تُسَّمى عِبادَةَ الزُلْفـى وَهُـوَ الشِـركُ بِعَيْنِـهِ: كَما سُمِّيَّ المَشْعَرُ الحَـرَام
مُزْدلفَة لأنَهُ يَتَقرَّبَ العِبادُ المُؤمِنِينَ إلى اللَّهِ فِيها لِكَوْنَها مِنْ شَعائِرِ اللهِ سُمِيَّت
مُزْدلفَة مِنَ الازدِلافِ وَهُوَ الاجْتِماعُ لاجْتِماعِ الناسِ بِها,, أوْ كَما هُوَ فِي القَوْلِ
فإذا زَالَت الشَّمسُ فازدَلَفَ الناسُ إلى رَبِهِم بركْعَتَينِ: أي تَقرُباً لِلَّهِ تَعالى دُونَ
الأصنامِ والأوثان,,
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) مُحَمَدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ بِما أنْزَلنا
عَليهِ هذا القرآنَ الذِي شَكَكْتُم بِهِ مَعَ التُّهمَةِ, يُقال رابَنِي الشَيءُ وَأرابَنِى بِمَعْنى
شكَكَنِي وَأوْهَمَنِي الرَّيبَةَ فِيه,,
(فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ) الخِطابُ للمُشْركِينَ: يَعنِي هَلْ تَبْدَعُونَ بِمثلِهِ قرآناً بِما
رَتبَهُ الله فِي شَأنِ ما أنْزَلَهُ عَلى عَبدِهِ مُحَمدٍ بالتَدريجِ: وَشَكَكتُم أنَ تَنزِيلَهُ لَيْسَ
وَحـياً يُوحا إليـهِ بأمْـرٍِ مِنْ رَبِّـهِ الذِي غَطَّـى ما أنْعَـمَ عَليهِ مِـنْ مَعرفَتِهِ وَتَمْييـزِ
رسالَتِهِ التِي جَعَلَها الحَجَّةُ عَلى إثباتِ نِبُوَّتِـهِ التِي رَدَّت شَياطِينَ الشِّـرك: فَمِنْ
هُنا كَيفَ تَتَعرَفُونَ عَلى مُحَمدٍ أهُوَ مِنْ عِندِ اللـَّهِ كَما يَدَعِي,, أمْ هُـوَ مِنْ هَـوى
نَفْسِهِ كَما تَدَعُونَ, حَتى قِيلَ لَكُم فأتوا أيُها المُشْركُونَ بِسُورَةٍ أوْ آيَـةٍ مِنْ مِثـْلِ
هـذا القرآن فِي سُمُوِّ الإعجازِ (فإنْ لَـمْ تَسْتَطيعُوا (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ
اللَّهِ) بَلْ كَلِفُوا مِلُوكَكُم وَزُعامَتَكُم إلى مُعارضَّةِ اللهِ مَنْ يَحْضَرَكُم ويَنصِرَكُم بِما
أتَيْتـُم, أوْ الذِينَ اتَخَذتِمُوهُم مِنْ دُونِ اللهِ أوْلِياء وَآلِهَة وَزَعَمْتُم أنَها تَشْهَدُ لَكُم
عِنـدَ اللـَّهِ يَوْمِ القِيامَةِ (إِنْ كُنْتـُمْ صَادِقِينَ) بَل: إنْ كُنتـُم عَلى رَيـْبِ بالفِعلِ عَما
تَهْرجُونَ وتَسْخَرُونَ مِنْ عَبدِنا مُحمَدٍ وَما أنزَلْنا عَليهِ قـُرآنا المُعجِز بِفَصاحَتِهِ
التِي إبْهَرَت كُلَّ مَنْطِقٍ وَإفحامِهِ فَإذ كُنْتم مِنْ طَوْلَبِ مُعارَضَتِهِ فأوْفُوا ماتَقولُونَ
بِمِثلِهِ في سُمُوِّ الرِتبَةَِ وعُلِوِّ الطَبَقةَِ والأسْلُوبِ البَلِيغِ الذِي لا نَظيرَ لَهُ,,
فهذا هُـوَ الصادِقُ الأمِينُ مُحَمَدٌ إنَهُ وَكِيلُ اللهِ فِي الحُكْمِ فلَهُ التَصَرُف مِما يُؤدِيَّ
إليهِ اجتِهادُهُ الذِي كَلَفَهُ بِهِ الله لِِّما قـرَرَ وحدانِيَتَهُ تَعالى وَبَيَّنَ الطِريق المُوَّصِل
إلى العِلْم بِها إلى الناسِ,,
(فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) الآيَة تَدِلُ البَياناتِ السابِقَة لَّما بَيَّنَ
اللهُ تَعالى إلى المُنافِقِينَ وَالمُشْركِينَ عَنْ ما يَتَعرَفُوا بـهِ مِنْ أمْـرِ الرَسُولِ صَلى
اللـَّهُ عَلَيهِ وَآلِـهِ وَما جاءَ بـهِ إليهِم بِتَميِّيزِ الحَـقِّ عَـنْ الباطِلِ حِينَ اجتَهَدُوا فِي
مُعارَضَتِـهِ بِما يُساوِّيـه وَيُدانِيـه لَهُـم،, فَظَّهَـرَ مِنهُم التَكْذِيب برسالَتِهِ (فَاتَّقـُوا)
العَذابَ المُعَـد لِمَنْ كَـذَّبَ بالدِينِ, فَنَـزَلَ بِهِـم الجَـزاءُ اللازِم عَلى سَبيـلِ الكِنايَـة
تَقريراً عَلى الفِـعلِ المُكَنى عَنْهُ، وَتَهْوِّيلاً لِشَأنِ العَـنادِ الذِي صَرحَ لَهُم بالوَعِيد
مَعَ الإيجاز فِي نارِ جَهَنَمَ فإنَ الناَرَ مَأوْاهُم (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) النارُ فيها دَلِيلان
الأوَل دَّلَ عَلى أنَ النارَ مَخْلُوقَةً مُعِدَةٌ الآنْ ما تُوقَـَد بـهِ جَهنَمَ لِعَذابِ الكافِرينَ
والثاني العِدَّة عنْدَ اللهِ إذَا تَكامَلَت العِدَّتَانِ وَهُما عِدَّة أهْل الجَنةِ وَعِدةُ أهْل النَّارِ
يَعني إذا تَكامَلَت العِدَّتانِ عِندَ اللَّّهِ برُجُوعِ الناسِ إلَيهِ قَامَتْ القِيامَةُ,,
وَالمُرادُ مِنْ مَعنى (أُعِدَّتْ) إنَما نَعُـدُ لِلكافِرينَ عَـدًّا فكَأنَهُم إذا اسْتَوْفوا المَعدُود
لَهُم قامَّتْ عَليهُم القِيامَةِ, كَما يُقالُ عَـدَّ الشَيء وَيعُدُّهُ عَدًّا وَعِدَّةً,,
وَالمُرادُ بالحِجارةِ هِيَّ الأصنامُ التِي نُحِتَتْ مِنَ الطِينِ اتَخَذوها آلِهَةً لَهُم وَقـُرنِتْ
مَعَهُم فِي العَـذابِ كَما اقتَرنـُوا بِها فِي الدُنيا, فَجَِعَلَ اللـَّهُ الحِجارَةَ وقـُوداً لِجَهَنمَ
وَالدَليلُ كَما جاءَ نَظِير قوْله تَعالى بِذلِك (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَـبُ
جَهَنَّمَ)(الأنبياء:98) فَعَبَرَ اللـَّهُ تَعالى عَـنْ حَصَّبِ جَهَنـمَ وَهُوَ حَطَبُها وَوقودُها
وَالحَصَبُ هُـوَ الحَصى: أوْ الحِجارَة الصَّلِبَة: وَالمَعنى فِيهِ كَما يُقال: أنَ مَوْضِعَ
الجمارُ بِمِنى سُمِّيَّ بذلِكَ للْحَصَى الذِي فِيها, وَيُقال لِمَوْضِعِ الجِمارِ أيْضاً حِصابُ,,
واللهُ العالِم,, والسَلامُ عليكُم ورَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتـُه,,,
| |
|